وجه يوم أمس ممثل جبهة البوليساريو في بريطانيا الأخ محمد لمام محمد عالي رسائل إلى كل من البارونة دسوزا (Baroness D’Souza) رئيسة مجلس اللوردات والسيد جون بيركو (John Bercow) رئيس مجلس العموم البريطاني، ليستوقفهم عند أخر تطورات القضية الصحراوية خصوصا في المناطق المحتلة، وذلك على إثر زيارة وفد مغربي رفيع المستوى إلى بريطانيا هذه الأيام.
وأوضح ممثل جبهة البوليساريو في رسالته أن الهدف منها هو “لفت الانتباه إلى أخر تطورات الصراع الذي طال أمده … في أخر مستعمرة إفريقية (الصحراء الغربية) لأطلب منكم التفضل بمناقشة هذه المسألة بعمق مع نظرائكم من المغرب”.
وأكد الأخ محمد لمام محمد عالي أن “هناك حقائق أساسية ينبغي استحضارها لأنها تؤطر قضية الصحراء الغربية في جوانبها القانونية والسياسية وبالتالي تحدد السياق الذي يمكن من خلاله تحقيق حل عادل وناجع ودائم للصراع”، مبرزا في هذا الجانب أن الصحراء الغربية مسجلة لدى الأمم المتحدة كإقليم خاضع لمبدأ تصفية الاستعمار وأنها لم تكن يوما جزءا من المغرب الذي يحتل أجزاءا من الإقليم .
وذكر في ذات الصدد بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بلاهاي الصادر في 16 أكتوبر 1975 والذي أكد بما لا يدع مجالا للشك أنه لم توجد أي روابط سيادة بين الصحراء الغربية وكل من موريتانيا والمغرب ويجب تطبيق تصفية الاستعمار من خلال استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي. كما ذكر بالرأي الاستشاري للمستشار القانوني للأمم المتحدة الصادر في 2002 والذي أكد مرة ألا سيادة للمغرب على الصحراء الغربية.
وأبرز الأخ محمد لمام محمد عالي في رسالته أن المغرب بتعنته المستمر ظل يعرقل إجراء استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي إلى يومنا هذا على الرغم من توقيعه على إتفاقية وقف إطلاق النار مع البوليساريو وقبوله بمخطط التسوية الأممي الإفريقي سنة 1991. ولا يزال يعرقل المحادثات المباشرة برعاية الأمم المتحدة التي انطلقت سنة 2007 كما يعرقل اليوم مجهودات المبعوث الشخصي كريستوفر روس.
وأوضح ممثل البوليساريو أن المغرب “إلى جانب موقفه المعرقل لعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة يواصل إنتهاكه الممنهج لحقوق الانسان والقانون الإنساني الدولي في المناطق الصحراوية الواقعة تحت احتلاله الغير شرعي”، مذكرا في هذا الاتجاه بأشكال الانتهاك المختلفة من اختفاء قسري وتعذيب وسجن تعسفي واغتيال مثل ما تعرض له الشهيد حسنة الوالي في سبتمبر 2014.
كما ذكّر الأخ محمد لمام بمحاكمة مجموعة اكديم ايزيك أمام محكمة عسكرية بالرباط سنة 2013 وهي المحاكمة التي اعتبرها مراقبون دوليين تمكنوا من متابعة أطوارها بالجائرة والمخالفة للقانون، وكانت قد أصدرت أحكاما جائرة وذات دوافع سياسية وصلت الحكم بالسجن مدى الحياة، مؤكدا أن “كل هذه الانتهاكات تم رصدها وتوثيقها من قبل منظمات حقوق الانسان العالمية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وروبيرت كينيدي للعدالة وحقوق الانسان والمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الانسان”، وطالب بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين الصحراويين القابعين في السجون المغربية.
وأبرز ممثل البوليساريو أن “سلوك السلطات المغربية لا يليق بدولة عضو في الأمم المتحدة تحاول إعطاء الانطباع بأنها حققت تقدما كبيرا في مجال حقوق الانسان”، مؤكدا أن “الصحراء الغربية المحتلة تخضع في الوقت الراهن لحصار عسكري وتعتيم إعلامي تام، في حين يواصل المغرب منع المراقبين الدوليين ووسائل الاعلام من دخول الإقليم”.
وبخصوص موقف جبهة البوليساريو من مسألة حقوق الانسان أوضح الأخ لمام “أن البوليساريو تعتبر أن احترام وحماية حقوق الانسان واجب مقدس وقاعدة عامة لا تعترف بالاستثناء… وأنها خطوة حاسمة نحو خلق مناخ من الثقة بين الطرفين نحن في حاجة ماسة إليه”، معتبرا أنه “ليس من المقبول أن تبقى بعثة المينورسو الوحيدة التي لا تتضمن عنصر لمراقبة حقوق الانسان” مذكرا أن “الصحراء الغربية إقليم ينتطر تصفية الاستعمار ويقع تحت مسؤولية الأمم المتحدة”.
وذكّر ممثل الجبهة في بريطانيا بجدار الذل المغربي الذي شيده الاحتلال المغربي والذي لازال يقسم الصحراء الغربية شعبا وأرضا ويعيق كل أشكال الاتصال والتنمية، مؤكدا أن “أكثر من سبعة ملايين لغم أرضي زرعت على جانبي الجدار تؤثر على الصحراويين على الجانبين الذين يعانون سنويا من الموت والإصابات وبتر للأطراف نتيجة الحوادث المتعلقة بالألغام الأرضية وبقايا الذخيرة”.
كما أثار مسألة نهب الثروات الطبيعية للصحراء الغربية من قبل شركات أجنبية بالتواطؤ مع سلطات الاحتلال المغربي في انتهاك لسيادة الشعب الصحراوي على هذه الثروات، والذي أكد عليه الرأي الاستشاري للأمم المتحدة سنة 2002 الذي حرره المستشار القانوني هانس كوريل والذي أكد أن أي استغلال لهذه الثروات غير قانوني، وبالتالي ليس للمغرب أي شرعية في استغلال الثروات الطبيعية للصحراء الغربية.
واعتبر ممثل البوليساريو في نهاية رسالته “وضعية الجمود الحالية لا يمكن أن تستمر فهي تقوض من مصداقية الأمم المتحدة وتسلط الضؤ على الفشل في اجراء استفتاء تقرير المصير وحماية حقوق الانسان الأساسية”، وأن مجلس الأمن والمجتمع الدولي بأكمله عليه أن يرسل رسالة قوية مفادها أن حق الشعوب في تقرير المصير لا يجب أن تبقى حبيسة تعنت القوة الاستعمارية. داعيا رؤساء غرفتي البرلمان البريطاني إلى إقناع نظرائهم من المغرب بضرورة إنشاء آلية لمراقبة حقوق الانسان ضمن بعثة المينورسو.