بقلم: عمار الصالح |
اولا سكان الصحراء الغربية او الساقية الحمراء ووادي الذهب ينتمون عرقيا وتاريخيا وجغرافيا للجسم والانتماء العربي، ولكن اذا اعتبرنا ان العالم العربي جسم متكامل اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، فان هذا العضو وللاسف الشديد لم يجد هذا التداعي بل الاهمال لهذا الجرح ، الذي يهدد امتداد رقعته سلامة وحتى حياة هذا الجسم ولا يدخل في ذالك بعض الاستثناء العربي من هذا الجسم ولكن الجرح مازال ينزف ويؤثر في النمو الطبيعي للجسم العربي ، وخصوصا المغرب العربي.
اما من الناحية التاريخية فان العالم العربي لم يحتو القضية الصحراوية (الصحراء الغربية) من اول يوم ضد الاستعمار الاسباني ، وبعد تاسيس جبهة البوليساريو 1973 باستثناء الجزائر وليبيا ، والذي كان من الممكن ان يجد حلا دائما للقضية قبل سنوات ، بل ذهبت بعض الدول العربية الى ابعد من ذلك والمتمثل في دعم الاحتلال المغربي بعد جلاء الاستعمار الاسباني.
ولكن حق لنا ان نسال لماذا لا تملك الدول العربية او الجامعة العربية الجراة من اجل حل هذه القضية؟
الجواب الصحيح هو بالايجاب ولكن بدون تهميش لاي طرف من الاطراف (البوليساريو والمغرب) كيف لا والواقع القائم إلى اليوم في عمل وقرارات وتوصيات جامعة الدول العربية وهيئاتها وأجهزتها المتخصصة تقول : لا، دون غموض أو التباس الأمر الذي يجعلنا نحن بدورنا نتساءل عن الخلفيات والأسباب التي حالت دون احتضان هذا المنتظم لنزاع قائم على أرض يفترض أنها تعد ضمن مجال اختصاصها، وأطرافه جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الذي هو قاعدة عملها باعتبارها تستمد مشروعية قراراتها من الرأي العربي العام، بل أنها تعد قاطرة العمل العربي المشترك بكل أبعاده ومجالاته، ولماذا نترك القضايا العربية المصيرية في يد دول لا ترى العالم العربي الا خزان وقود او سوق تجاري؟؟؟؟
بل ان بعض الدول العربية عمقت الجرح من خلال تهميش الشعب الصحراوي وممثله الشرعي والوحيد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) سواء علي مستوى الاقطار العربية او على مستوى الجامعة العربية التي يفترض بها الحياد وعدم تهميش طرف على حساب طرف اخر.
وهذه لمحة تاريخية مختصرة اختصارا شديدا عن قضية الصحراء الغربية:
بعد الانتصارات الباهرة للبوليساريو في عدة معارك ضد المحتل الاسباني ، أعلنت إسبانيا نيّتها الإنسحاب من الصحراء الغربية، إنسجاماً مع قرارات الأمم المتحدة بإلغاء أشكال الإستعمار كافة، وحق تقرير المصير للشعوب، رفعت قضية الصحراء الغربية إلى محكمة العدل الدولية، كشكل من أشكال النزاعات القانونية، وقد نظرت المحكمة في القضية قانونياً، وناقشت طلبات الأطراف المشتركة فيها، وادعاءات كل منها، وما يملك من براهين قانونية ومستندات تثبت الحق الذي يدعيه في ملكية الصحراء الغربية، ولكن بعد المناقشات والمداولات أصدرت المحكمة الدولية حكمها، بأن أيّا من الأطراف المدعية لا يملك الإثبات الكافي للحق في ملكية الصحراء الغربية، واعتبرت أن الصحراء الغربية تعود لأهلها الذين يسكنون فيها ولهم الحق في إدارة أنفسهم وتقرير مصيرهم ، وهذا ما رفضته كل من المغرب وموريتانيا وإسبانيا، بينما أيّدته جبهة "البوليساريو"، لذلك سارعت هذه الأطراف ما عدا الأخيرة إلى عقد "إتفاقية مدريد" المشؤومة التي كانت القطرة التي افاضت الكاس ، لتخرج موريتانيا من الحرب 1979، ويبقى الصراع بين المغرب والجمهورية العربية الصحراوية بين العامين 1976 و1991 حين استطاعت الأمم المتحدة تثبيت وقف إطلاق نار بين الطرفين ، وشكلت بعثة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية ما زالت ولايتها تمدد حتى الآن من دون التوصل إلى تطبيق هذا الاستفتاء المصيري الذي بموجبه سيقرر شعب الصحراء الغربية الاستقلال او الانضمام ، بسبب عرقلة الحل من المناورات المغربية وخوف المفرب من الاستفتاء لان الشعب الصحراوي يرفض بالكلية الانضمام للمغرب.
وفي الختام اقدم كلمة للحكام العرب، وللجامعة العربية بالخصوص ، لان يكونوا في مستوى تطلعات الشعب العربي في الساقية الحمراء ووادي الذهب (الصحراء الغربية) والشعب العربي قاطبة الذي مل من الفرقة والعداوة بين الاخوة ويتطلع لعالم عربي يحترم حقوق الشعوب ويحترم خياراتهم.
المقال منشور ايضا على موقع الحوار المتمدن: