اولا الأمة هي قبل كل شيء جماعة, جماعة معينة من الناس, وليست هذه الجماعة
عرقية ولا قبلية , فالأمة جماعة ثابتة من الناس, مؤلفة تاريخياً, لها لغة مشتركة, وأرض
مشتركة, وحياة اقتصادية مشتركة, وتكوين نفسي مشترك يجد له تعبيراً في الثقافة
المشتركة, له تعبيراً في الثقافة المشتركة , بل هي جماعة من الناس تألفت بعوامل
التاريخ .
والتشتت هو التفرق ولاختلاف ويقال تشتتوا اي تفرقوا , وتشتت الانتباه اي انشغل بموضوعات شتى ففقد تركيزه في موضوع واحد ,
و التشتت الفكري بمعنى عدم القدرة على
التركيز فيما يجب ان يركز عليه الانسان..
فبعد معرفتنا لمعنى الامة هل نستطيع القول اننا ارض خصبة لنكون امة ؟
ام اننا قد عصفت بنا رياح التشتت ؟
مما لاشك فيه ان البداية الناجحة للجبهة الشعبية التي جعلت من الشعب العربي
في الساقية الحمراء ووادي الذهب ارضا خصبة
لنشوء امة , ويتضح ذلك من خلال نهج الولي مصطفى السيد سياسة مُحاربة القبليّة,واعتبرها
العائق أمام تقدم الشعب الصحراوي، ودعا الصحراويين إلى التخلّص من ضعفهم الذاتي
عبر تحررهم من قيود القبيلة, وتجاوز مفاهيمها وأنظمتها البالية, والإنخراط ضمن التجمعات السياسية , وبحسمٍ لا خيار فيه
أطلق شعاره '' لا تنظيم الى التنظيم السياسي ''
ولكن في السنوات الاخيرة بدا هذا المبدا يتلاشى ويتضح من خلال الرابط
الذي اصبح ضعيفا بين مكونات الامة الناشئة , وذلك من خلال فقدانها للمقوم الاساسي
الذي كان ركيزة نجاحها , وهي التي يوضحها الشهيد في قوله '' تتشكل الرابطة من الناحية
العلمية على أساس المصلحة, وعليها تتقوى وتنمو, وكلما كبرت المصلحة المشتركة كانت الرابطة
أقوى, وكلما كانت المصلحة أقل ضعُفت الرابطة.. معناهُ أن الرابطة ليست مجردة
تتحدّدُ خيالياً أو عاطفياً '' . فقد وصل التشتت الى ان اصبحت حتى الروابط
الاجتماعية بين مكونات الجسم الصحراوي ضعيفة ضعفا حزينا , من خلال ضعف الرابط
القومي داخليا من انتشار مبدا الانتهازية والقبلية وحب التسلط .... وفي الخارج
واقصد المهجر حدث ولا حرج , حيث اصبح مجرد الود الطبيعي من تكاتف وغيره تجارة
نادرة ...
ولكن ماهو سبب هذا التشتت ؟
هناك مقولة مشهورة للامام مالك يقول فيها '' لن يصلح اخر هذه الامة
الا ما صلح اولها '' . ونحن نظن ان هذه
المقولة تنطبق علينا نحن اكثر من غيرنا , فالفكر والمبدا والعمل الذي جمع هذه
الامة في اول يوم هو القادر على تقويتها اليوم وتمتين الرابطة الوطنية ....
وهناك مسببات اخرى للتشتت , انها نتاج الضعف التاطيري , الذي كان سببه
انعدام للاطارات الوطنية القادرة على تثبيت وتقوية هذا الحس الجمعوي والفكري , بل
اصبح الاطار هو من يكرس التشتت والانانية والبعد عن المبدا وتهميش الطبقة الاهم
والرهان وهو الشعب .
لم اجد ابلغ في الختام من مقولة مفجر الثورة المجيدة اذ يقول '' ان الشعب
هو سلاحكم الذي ستقاتلون به العدو, وهو الحصن الذي تتحصنون به.. أي الشعب هو صاحب
القرار.. هو صاحب الكلمة.. فقوله مقبول وحكمه نافذ ''.