كتب - يوسف أيوب
لأول مرة أحضر عرضا عسكرياً، كان ذلك فى مخيمات اللاجئين، فى العرض الذى نظمه وزير الدفاع الصحراوى محمد الأمين البوهالى فى قاعدة الشهيد الحنفى، على شرف زيارة الوفد الإعلامى المصرى، ووفد من مجلس الشيوخ الكولومبى، حيث اصطف جنود صحراويون أمام آليات عسكرية وبعد ذلك كان لنا جلسة نقاش مطولة مع وزير الدفاع بحضور يوسف أحمد، عضو الأمانة الوطنية، مدير المحافظة السياسية للجيش الصحراوى، ومحمد الدت، عضو الأركان العامة للجيش، ومحمد أحمد، عضو الأركان، ومحفوظ الزين، عضو الأركان العامة للجيش.
فى البداية قال البوهالى، إن الشعب الصحراوى ما زال شعبا متماسكا، كلهم مسلمون، ومن الناحية السياسية يوجد خط واحد سياسى يربط بينهم وهو الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادى الذهب «البوليساريو» التى يلتف حوله الصحراويون، وتحدث عن الجيش المغربى وقال: «نحترمه لأنه من أقوى الجيوش فى شمال إفريقيا، فبداية كفاحنا المسلح ضد إسبانيا عام 1972 وبعد سنة من الكفاح أصبحت المغرب تتحدث وكأنها وصية على الصحراويين، واعتبروا أن الصحراء جزء من المغرب، وبعد ذلك كانت هناك مؤامرة خبيثة أنه عندما قررت إسبانيا التفاوض بعد فتوى العدل الدولية بحق تقرير المصير باعتباره الحل لأن الصحراويين لديهم تنظيم سياسى وكفاح مسلح وله حق يدافع عنه، بدأت المناورات المغربية الموريتانية واتفقوا مع إسبانيا على تقسيم الصحراء لقسمين بين المغرب وموريتانيا، إلى أن انسحبت موريتانيا وبقيت المغرب».
وتحدث البوهالى عن المعارك العسكرية التى قام بها جيشه، وقال: «يكفى أن أشير إلى كتاب «ضباط جلالة الملك»، الذى ألفه محجوب الطوبجى، كومندان مغربى متقاعد، تطرق فيه لمواقع كبار الضباط وصراعاتهم وتسابقهم على مراكمة الثروات، كما تحدث فيه عن المعارك العسكرية المغربية ضد الصحراويين»، موضحاً «أى مقارنة بين قواتنا والقوات المغربية لا توجد، فالمغرب تمتلك أسلحة متطورة ودبابات روسية وأمريكية وناقلات الجنود الأمريكية m113 وطائرات بجميع الأصناف وحديثة، لكن الله سبحانة وتعالى خلق لكل شىء سببا، فنحن ما صنعنا جيش نظاميا وإنما جيشا خفيفا فى المراحل الأولى، والآن نستعمل معركة يومية ونعد لمعركة قائمة طالما أن الجدار العازل قائم».
وأضاف وزير الدفاع الصحراوى: «لا أنا أو زملائى نتمنى القتال مع المغاربة ولا إراقة الدماء سواء من المغاربة ولا الصحراويين، لكن الشىء الذى يجب أن يفهموه أن الصحراويين لن يبقوا خارج أرضهم إلى ما لا نهاية، فبقاء حالة اللا حرب واللا سلم مستحيل، وبالتأكيد المرحلة إذا طالت سينفد الصبر، ونحن مستعدون للحرب».
ونفى وزير الدفاع الصحراوى أن تكون الجزائر هى المتحكمة فى قرار الحرب مع المغرب، وقال: «الجزائر لا تملك تحديد الحرب، وإنما نحن من نحدد»، موضحاً أن «الخيارات إما الحل أو الرجوع للحرب، والأمم المتحدة حددت لأول مرة أجلا وهو 2015، لكن عندما تظهر الأمم المتحدة عاجزة عن إيجاد حل لن يكون أمامنا- أبداً- الانتظار».
أما إبراهيم محمد محمود، مدير المخابرات فتحدث معنا عن «كتابة الدولة للأمن والتوزيع» وهو اسم جهاز المخابرات لدى الصحراويين، وقال إنها مؤسسة حديثة النشأة وبمثابة وزارة وهى تمثل للمساءلة أمام البرلمان لتقديم برنامجها، وهذا نوع من الشفافية فى العمل، وهى تجربة فريدة على الأقل فى العالم العربى وأفريقيا أن جهاز مخابرات يمثل أمام البرلمان فى أى شىء.
وتحدث إبراهيم محمد محمود عن الأوضاع المتوترة فى الإقليم، وقال: «إن الأوضاع فى المنطقة بها توتر لأسباب مختلفة خاصة فى المغرب العربى، فمنذ سنوات بدأت تطفو على السطح مخاطر تكاد تهدد كل الدول منها على سبيل المثال، المخدرات ومحور الكوكايين القادم من كولومبيا، والقنب الهندى القادم من المغرب التى تعد المنتج الأول للقنب الهندى فى العالم، والقنب خطير لأن عصابته رسمياً تخصص 10% من أمواله للأنشطة الإرهابية»، مشيراً إلى أن انهيار دولة ليبيا هو أحد مصادر الخطورة فى المنطقة، بسبب مخزون الأسلحة الذى تدفق من ليبيا نحو الدول المجاورة، معتبرا أن هذه المخاطر الأمنية كانت النافذة التى رجعت من خلالها فرنسا بعد خروجها فى الستينيات من منطقة المغرب العربى وخاصة فى مالى.
وأشار مدير المخابرات الصحراوى إلى أن من ضمن عناصر التوتر أن المغرب تسير بنفس العقيدة التوسعية وتصدير الأزمة للخارج، فهى كما قال «بدأت التصرف فى المنطقة من خلال الملك أمير المؤمنين وبدأت المخابرات المغربية تتحرك من خلال الصندوق الأسود الذى يجمع أموال المخدرات، ولمصلحة ما للمغرب خلقت أزمة على الحدود الجزائرية ممثلة فى الأزمة الصحراوية».
كما أن موريتانيا فى 2005 شهدت تصعيداً فى الإرهاب الآتى من شمال مالى، لذلك فإن المنطقة كلها أصبحت أمام هذا الغليان وأصبح الأمن له الأولويات فى سياسات الدول».
وشدد إبراهيم محمد محمود، على أن «الجيش المغربى هو العدو الوحيد للصحراويين، ففى 22 أكتوبر 2011 تم اختطاف الرهائن الأجانب من الأراضى الصحراوية، وهذ الأمر كان خطيرا، وتساءلنا: من المستفيد من الخطف وزعزعة الوضع فى الصحراء خاصة بعد أن تبرأ تنظيم القاعدة من العملية؟ إلى أن ظهرت حركة التوحيد والجهاد فى أفريقيا التى قامت بتفجير فى الجزائر واختطاف قنصل الجزائر فى مالى، وفى نهاية 2011 وبعد تحريات ومعلومات تمكنا من توقيف مجموعة تمتهن المخدرات ومنها عناصر مشبوهة وتم توقيفهم على التراب المالى وبعد استجوابهم حصلنا منهم على عنصر متورط فى الاختطاف، ومن خلاله حصلنا على معلومات أن مؤسسى الحركة هم أباطرة المخدرات والهجرة السرية، وبعضهم له علاقات مباشرة بالمغرب، فتوصلونا إلى أن الحركة من صنع المخابرات المغربية». وشدد مدير المخابرات الصحراوية على أن «الحرب هى الحرب، والمغرب دخلت حربا قذرة باستعمال المخدرات والإرهاب وترويج دعاية أن البوليساريو مخزون للإرهاب والمخدرات فى محاولة للنيل من كفاح الشعب الصحراوى، وهذا شىء وعينا له ولدينا رهاننا بإثباتنا للعالم أن الشعب الصحراوى متسامح وبعيد عن التطرف، ويحترم الآخر وبعيد عن الإرهاب والمخدرات وتطلعنا لأن نكون عنصر استقرار فى المنطقة وليس تهديد»، مشيراً إلى أن «هذه الأوضاع فرضت علينا جهودا، منها محاربة الجريمة المنظمة ومواجهة التطرف من «أشرطة» وخطب دينية ومضاعفة المجهود الأمنى لحماية المخيمات والأجانب، خاصة أنه سنوياً يزورنا من 5 إلى 7 آلاف أجنبى فضلاً عن إقامة الفعاليات السنوية التى تعقد على الأراضى الصحراوية. وأكد إبراهيم محمد محمود أن «مفهوم الأمن عندى أنه ليس أمن رئيس أو حكومة أو نخبة سياسية معينة وإنما أمن الشعب، ولدينا شعار أن الجماهير الواعية أهم من المؤامرات الاستعمارية لذلك نقوم بمجهود لتوعية الشعب».