بقلم : حمة المهدي |
يمر النزاع بالصحراء الغربية بمرحلة الجمود منذ سكتت البنادق عام 1991 لفسح المجال لحل سلمي جنح له طرفي النزاع (المغرب وجبهة البوليساريو) بعد قبولهم بتفويض الأمم المتحدة لحل القضية عبر آليات الأمم المتحدة والقانون الدولي، لكن انحراف مخطط التسوية الاممي عن مسار الاستفتاء الذي رسم له في اتفاق وقف اطلاق النار، والشروع في مسلسل التأجيل الذي بات السمة الأبرز لكل التقارير الأممية المستنسخة، لإطالة عمر النزاع، والتلاعب بالألفاظ والمصطلحات لدغدغة العواطف ومجاملة الطرفين بانجازات في طريق مسدود لحل يبقى مفقود ما دامت الأمم المتحدة متنصلة من التزاماتها تجاه الشعب الصحراوي وقضيته العادلة.
وهو ما يجعلنا كصحراويين نتساءل عن مصداقية هذه المنظمات الدولية وجديتها في تطبيق القانون، الذي يخضع لازدواجية المعايير والمساومة كلما تعلق الامر بمصالح الدول الكبرى التي تقتات على الحروب والنزاعات، وهو الأمر الذي يدفع الشعب الصحراوي ثمنه غاليا منذ قرابة الأربعين سنة مشتتا بين اللجوء والمناطق المحتلة والشتات، مع استمرار الاحتلال الذي يبيع خيرات الوطن السليب لشراء صمت تلك الدول.
لا جديد إذن في تقرير بان كيمون ما لم يتطرق لخطوات عملية لتحريك عجلة السلام، وتمكين الصحراويين من حقهم في تقرير المصير، مكتفيا بتمديد مهمة بعثة المينورسو لسنة جديدة دون اضطلاعها بمراقبة حقوق الإنسان والتقرير عنها، بالرغم من الخطاب الايجابي الذي حمله التقرير في موضوع حقوق الانسان والثروات الطبيعية، والجهود التي يشكر عليها روس، لكن مادام المغرب سيستمر في احتلال الصحراء الغربية لسنة اضافية، وينتهك الأعراض والحرمات وينهب الثروات امام مرأى ومسمع العالم دون عقاب، فإن التقرير لم يحمل اي جديد للصحراويين، مهما رحب به المرحبون، ويبقى فارغ المضموم ما لم يتضمن خطوات عملية لإنهاء الاحتلال ويستجيب لمطلب الصحراويين في التركيز على جوهر النزاع وإجراء استفتاء عادل ونزيه يمكنهم من ممارسة حقهم الطبيعي في تقرير المصير بعيدا عن لعبة المصالح، التي منحت شبه جزيرة القرم و جنوب السودان اقامة دول مستقلة فرضها منطق حق القوة، لتقتطع اقتطاعا من دول قائمة وذات سيادة، بخلاف ما هو حاصل في الصحراء الغربية التي تؤازرها قوة الحق، لأنها إقليم مصنف في اللجنة الرابعة للأمم المتحدة ضمن الأقاليم غير المتمتعة بحق تقرير المصير، ولا تعترف أيا من دول العالم بسيادة الاحتلال المغربي عليه، وقد نالت مثيلاتها استقلالها بمنطق الشرعية الدولية مثلما هو الحال في تيمور الشرقية، لكن كل هذا لا يشفع للصحراويين ويبقى التأجيل في حقهم مستمرا.