تكشفت خيوط عملية استخباراتية مغربية فاشلة مؤخرا، تمثلت في محاولة جهاز الإستخبارات المغربية إرغام المعتقل السياسي الصحراوي، محمد الديحاني، على الإعتراف بأنه كان يخطط لعمليات إرهابية خطيرة بإيعاز من جبهة البوليساريو.
وكان الشاب الصحراوي قد تعرض للإختطاف يوم 28 ابريل 2010، وتم الزج به في سجن تمارة السري حيث تعرض لكافة اصناف التعذيب والضغط لمدة ستة أشهر، دون أن تنجح عائلته في معرفة مكان احتجازه، حيث تعرض للمساومة من طرف المخابرات المغربية التي أرادته أن يدلي باعترافات كاذبة يصرح فيها بأنه إرهابي ويعمل لجبهة البوليساريو من أجل تفجير أماكن حساسة في المناطق المحتلة وفي مناطق أخرى.
غير أن الشاب الصحراوي رفض ذلك رغم التعذيب الهال، الذي وصل حد تعليقه مرات عديدة، تستمر أحيانا لست ساعات، وللضرب، وغيره من وسائل التعذيب المعروفة التي تمارس في كل المخافر المغربية، ناهيك عن سجن تمارة السري الذي يمارس فيه المغرب التعذيب لصالح الإستخبارات الأمريكية سابقا.
وبعد ستة أشهر من الإختفاء القسري، وبعد فشل المخابرات المغربية في مسعاها، ظهر المعتقل السياسي فجأة حيث قدم إلى سجن سلا بمحضر مفبرك تدعي فيه الشرطة المغربية أن محمد الديحاني اعتقل يوم 29 اكتوبر من نفس السنة، وقدم للمحاكمة على هذا الاساس، وهو ما يؤكد أن القضاء المغربي ليس سوى غطاء للعمليات المشبوهة للشرطة القضائية وللإستخبارات المغربية.
الشاب الصحراوي اتهم بعدة تهم خيالية، بل وتثير الإستغراب، وتظهر ضعف العدالة المغربية، وإصرار الدولة المغربية على الإستمرار في منهج فبركة الملفات حيث حوكم الشاب الصحراوي على اساس التهم التالية:
التخطيط لاستهداف السجن المحلي بمدينة العيون بواسطة المتفجرات، باعتباره اهم مكان اعتقال مجموعة من الموالين لجبهة البولسياريو.
التخطيط لاغتيال بعض رموز السلطة بمن فيهم بعض موظفي الامن الوطني بمدينة العيون.
التخطيط لتنفيذ هجمات بواسطة المتفجرات ضد احدى سيارات الشرطة التي تكون غالبا مستوقفة بالقرب من احدى محطات البنزين بشارع السمارة بمدينة العيون.
التخطيط لاستهداف السياح الاجانب المترددين على باحة فندق NEGJJIR الكائن بمنطقة فم الواد بمدينة العيون.
التخطيط للسطو على وكالة بنكية بايطاليا من اجل حصوله على التمويل.
التخطيط لاستهداف مطعم MAC DONALD’S بمدينة روما .
التخطيط لتخريب جزء من سكة الحديد الرابطة بين مدينة LIVORNO و GROSSITO .
التخطيط لاغتيال احدى الشخصيات بالفاتيكان .
ورغم غرابة هذه التهم وبعدها عن كل منطق أو ترابط، غير أن القضاء المغربي قبل التعاطي معها وحكم على محمد الديحاني بعشر سنوات سجنا نافذا يوم 27 اكتوبر 2011.
القضاء المغربي قبل إذا بالتغاضي عن التزوير الذي ارتكبته الأجهزة المغربية في تغيير تاريخ اعتقال الضحية من شهر ابريل إلى شهر اكتوبر، وتغاضى أيضا عن مطالبة الضحية بالتحقيق في التعذيب الذي تعرض له طيلة ستة أشهر من الإختفاء القسري بسجن تمارة.
كما لم يتطرق القضاء المغربي بتاتا للمساومات والضغط الذي تعرض له محمد الديحاني من طرف المخابرات المغربية والتي كانت تروم كذلك إقناعه بالإعتراف بنيته القيام بعمليات ذات طابع ارهابي تمس المجالات الحساسة والمهمة في مدينة العيون المحتلة، كالحزام الناقل للفوسفات ومقر بعثة الامم المتحدة لتقرير المصير بالصحراء الغربية واستهداف شخصيات صحراوية موالية للطرح المغربي وإغرائه بالمال قصد ربط جبهة البوليساريو بالارهاب، وبعد ذلك التضحية به ككبش فداء.
ومن هنا يمكن الإستنتاج أن المخابرات المغربية تحاول بشكل حثيث منذ سنوات خلق الإلتباس لدى جهات غربية مؤثرة وإقناعها بأن جبهة البوليساريو تتعاطى مع الإرهاب، وهنا يمكن الرجوع بالذاكرة إلى بعض المعلومات الكاذبة والأخبار التي تروج لها بين الحين والآخر وكالة المغرب العربي للأنباء، أو بعض المواقع الإليكترونية التابعة للأجهزة المغربية.
كما لا يمكن استبعاد تورط المغرب وأجهزته بشكل مباشر في عملية الإختطاف التي طالت ثلاثة متعاونين أجانب من مخيمات اللاجئين الصحراويين، حيث ان ظروف اختطافهم، وملابساته لا تزال غريبة وغامضة، وشابها الكثير من الأمور المثيرة للشكوك، والتي تؤدي بشكل او آخر بربطها بالمغرب.
ومما لا شك فيه أن محاولة المخابرات المغربية إرغام الشاب الصحراوي محمد الديحاني على الإعتراف بجرائم إرهابية لم يرتكبها يوما، ومحالة إغرائه بالتصريح بها لتوريط البوليساريو، جريمة أخرى تنضاف إلى جرائم نظام محمد السادس الذي كثف من الأعمال القذرة لتلطيخ سمعة كفاح الشعب الصحراوي من أجل الإستقلال عبر مهاجمة مصداقية المناضلين الصحراويين، وعبر تبني سياسة خطيرة لتفريق صفوفهم، وبث الإشاعات الهدامة.
كما أن الأكيد أن استهداف محمد الديحاني يأتي على خلفية نشاطه السياسي، حيث سبق للمواطن الصحراوي أن تعرض للتوقيف وللاعتداء من قبل عناصر الشرطة المغربية بزي رسمي ومدني في شهر ديسمبر 2009 بسبب مرافقته لبعض الصحفيين الإيطاليين الذين زاروا العيون المحتلة لتغطية عودة المدافعة الصحراوية عن حقوق الإنسان، أمينتو حيدار، لوطنها الصحراء الغربية بعد إضرابها الشهير عن الطعام في لانثاروتي الإسبانية.