يتطرق موقع الشروق الصحراوي مع القنصل الحالي بولاية وهران الجزائرية سعيد الفلالي والذي يعتبر مرجعية لفكر الشهيد الولي ليحدثنا عن مناقب وأفكار وفلسفة شهيد الحرية والكرامة وعن كيفية تعامله مع قيادات وكوادر الجبهة وكذلك عن صدور بيان الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب العاشر من مايو 1973
_الشروق الصحراوي :مرحبا وسهلا بك سعادة القنصل الصحراوي سعيد الفيلالي
القنصل :أهلا وسهلا بطالبي العلم من اجل التحرير والعلو وخير خلف لخير سلف .
_الشروق الصحراوي:من هو سعيد الفيلالي ؟
_القنصل :سعيد الفيلالي هو مناضل من اجل التحرير وصحراوي مثله مثل كل الصحراويين الذين اغتصبت أرضهم ظلما وعدوانا والذين ليسوا ليستسلموا للأمر الواقع, فأنا من الذين لديهم ثقة تامة في قدرة الشعب الصحراوي على انتزاع حقه وفرض إرادته في الحرية والانعتاق على كامل ربوع أرضه الطاهرة مثله مثل كل شعوب العالم لا أكثر ولا اقل.
_الشروق الصحراوي:مرت 39 سنة على كفاح شعبنا وتأسيس الجبهة الشعبية هل لك ان تحدثنا عن العاشر من مايو؟
-القنصل:العاشر من مايو ثلاثة وسبعون هو يوم صدور بيان تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ومن خلاله تبلورت فكرة الكفاح المسلح وقد أقدم المؤسسين على هذا القرار بعد استهزاء المستعمر الاسباني بمطالب الصحراويين السلمية والواقعية واعتماد المستعمر على القوة والسلاح والقهر كمنطق وحيد لتعامل مع أي مطلب سيادي ,
أما في ما يخص الدلالات والمعاني والأبعاد المختزلة في هذا الحدث وفي مثل هذا اليوم فلا يمكن لأي فرد الإحاطة بها ومع ذلك يمكن تلخيصها في العناوين التالية :
_العاشر من مايو نقلة نوعية في سلسلة من مسيرات نضال وكفاح شعبنا وسيظل هذا اليوم راسخ في ذاكرة كل الصحراويين كما هو يوم تجديد الإرادة الجماعية لفرض تحرير الأرض وصون المكتسبات
_العاشر من مايو ثورة تاريخية ضد التخلف التنظيمي والذهني والتفسخ الأخلاقي
_العاشر من مايو هي بناء أسس القوة الذاتية للشعب الصحراوي ليتمكن من فرض سيادته بنفسه
_العاشر من مايو هي رفع التحدي ضد الاستعمار والتوسع على حساب الشعب الصحراوي
_العاشر من مايو توحيد الشعب على أسس جديدة جوهرها المواطنة كمقياس أساسيا للانتماء بدل المقاييس العرقية ما قبل الاستعمار وأثناء الحقبة الاستعمارية, وقيمها هي الإيمان بالله ثم بإرادة الشعب والتضحية من اجل الوطن,
وأقول فيها انه "كل واحد من اجل الجميع والجميع من اجل كل واحد".
_الشروق الصحراوي:كان لشهيد الحرية والكرامة الدور المحوري في تأسيس الجبهة وتجميع الإطارات و صياغة الخط الإيديولوجي للحركة كيف تبلورت تلك الفكرة ؟
_القنصل:فعلا كان الشهيد الولي له الدور المحوري في هذا حدث وان كنت لم أتعرف عليه في ذلك الوقت ولم أشاركه في المباشر إلا انه يمكنني الجزم بما عرفته من خلال رفقت الدرب ومن أسلوب ومنهج الزعيم البطولي الذي عايشته قرابة سنتين..........,اذا فلقد تبلورت تلك الفكرة نتيجة للمحيط الذي نعيش فيه بحيث كانت ولا زالت تطالب فيه شعوب المنطقة بالتحرر من الاستعمار الفرنسي والاسباني فالرجل عايش وتأثر بالصراعات الجوهرية على السيادة والكرامة والأمن والحرية كما عايش التحولات في المنطقة وذالك من خلال دراسته والاحتكاك بالمقاومين مما زاده قربا بمعرفة معانات الشعب وطموحاته المعاصرة ,ويمكن التعبير عن هذه الاديولوجية التي ساقها للحركة بمختلف الشعارات "بالبندقية ننال الحرية"حرب التحرير تضمنها الجماهير"كل الوطن او الشهادة "
لنبني ثقافة وطنية نابعة من واقعنا الهادف لتغيره تحت شعار" جيش شعب شعب جيش"
"نموت موحدين ولا نعيش مقسمين" لا استقرار ولا سلام قبل الاستقلال التام"
وهكذا تمت توعية وتجميع الإطارات كل حسب ميدانه وفرض المثالية على كل مسؤول,
وبخلاصة الولي كان يتميز بالذكاء الخارق والنظرة الثاقبة والجرأة الموضعية كلها صفات مكنته من فهم الأيديولوجيات والإرادات الاستعمارية وبذلك أدرك الصراع بين المصالح المختلف وطنيا وجهويا ودوليا.
_الشروق الصحراوي: كيف استطاع الولي ان يؤثر بفكره على القاعدة الشعبية وان يجعل من نفسه قدوة للقيادة الوطنية في المبادرة و الريادة ؟
_القنصل :فعلا استطاع الولي ان يؤثر على القاعدة وان يكون القدوة للقيادة وذلك من خلال مخاطبة الضمائر الحية وإحياء في كل واحد الثقة بالنفس و بالشعب والتوضيح لكل واحد الإسهام الذي يمكنه ان يسهم به في استرجاع الكرامة للفرد والسيادة للشعب وكيف ان مجموع إسهامات الأفراد كل حسب المستطاع تكون تيار جارف لا يقاوم من أي قوة خارجية عن الشعب مهما كانت, ثم يقوم بالأعمال ويضع الأحداث سواء بمفرده او بجماعة صغيرة معه الغاية منها شق الطريق نحو الهدف المنشود في انسجام تام مابين الفكرة او الطرح او المشروع او الشعار وبين الممارسة او الأسلوب او الطريقة ثم يقوم بتثمين ما تحقق ايجابيا وأين كانت أوجه التقصير او الأخطاء ويترك الفعل يتكلم .....,أما في المبادرة والريادة فكان في الصفوف الأمامية لكل المعارك وبذلك تعود الثقة في النفس ويلتف الجميع حول الزعيم الذي أنار الطريق وأقدم على الاقتحام مضحيا بنفسه .
_الشروق الصحراوي: ماهي السمات او الخصال التي تميز بها الشهيد الولي عن باقي رفاقه ؟
القنصل : أهم السمات التي كان الولي يتميز بها عن باقي رفاقه لايمكن عدها او إحصائها ولكن لا للحصر:
_كان ناضجا وهو في سنه المبكر وبمعرفته التامة والعميقة للمجتمع الصحراوي منشأ وتاريخا وتطلعا .
_الوعي الثاقب بطبيعة الصراعات وأطرافها وأدواتها وأساليبها .
_الثقة التامة والمطلقة على قدرة الشعب الصحراوي الكامنة على فرض إرادته و أجوده في الحرية والانعتاق .
_القدرة الفائقة على الإقناع والتنظيم والإبداع والتجديد ورفع همم و معنويات كل من يحتك به
كان كذلك يتميز بكرهه المطلق للذات ويكفر بالمستحيل وكان يقول "ان المستحيل مبررلفظ عن حالة العاجزين"
ويقول أيضا إذا ماكان مايسمونه او يرونه مستحيلا شرطا من شروط الاستقلال فاضعف الإيمان ان نعمل اليوم على جعله ممكنا غدا او بعد غد .
_الشروق الصحراوي:قبل الإعلان عن فكرة التأسيس دار جدل واسع حول سلطة الشيوخ إلى درجة انه قيل حينها ان البعض منهم لم يستقبل الفكرة بكل سهولة الا بعد إقناعهم من طرف الشهيد الولي وكوادر الجبهة آنذاك باعتبارك عايشت الحدث كيف تمكن الولي من إرضاء جميع الأطراف وجعلهم يلتفون حول الجبهة الشعبية؟
_القنصل: لا علم لي بهذا الجدل حول سلطة الشيوخ قبل تأسيس الجبهة الشعبية و كل ما أتذكر هو الجدل او بالأصح النقاش الواسع و المعمق حول سبل و طرق و كيفية تحقيق الوحدة الوطنية بعدما برزت الجبهة الشعبية كقوة أساسية في كامل التراب الوطني و في الجالية الصحراوية بالبلدان المجاورة و بعد إعلان اسبانيا انسحابها أثناء زيارة بعثة تقصي الحقائق الأممية للصحراء الغربية و الدول المجاورة بداية صائفة 1975
_الشروق الصحراوي:كيف تم الإجماع على اختيار الشهيد الولي أمينا عاما للجبهة؟
_القنصل: حسب علمي الشهيد الولي أثناء التأسيس كان الزعيم الوحيد بلا منافس و إذا كان هناك آي طموح قد يكون على الانتماء إلى القيادة أما أول أمين عام للجبهة فهو إبراهيم غالي أما الولي تولى الأمانة في المؤتمر الثاني 1974.
_الشروق الصحراوي:ارتكزت فلسفة الولي على الالتزام والإخلاص وروح المبادرة وعمل على ترسيخها لدى إطارات الحركة هل ترى أنها لازالت قائمة لدى القيادة الحالية للجبهة؟
_القنصل: ان فلسفة الشهيد الولي فلسفة التحرير الوطني فلسفة الثورة على الظلم و الاستبداد فلسفة الاوجود الكريم للشعوب و التآخي بينهما في الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة بمناصفة و بخلاصة فلسفة الثورة على الاستعمار و كل أشكال الهيمنة الأجنبية و ضد الرجعية و الانتهازية . وأساليبها التضليلية فلسفة تفضي إلى ضرورة توعية الجماهير بالمصلحة المشتركة وذلك لتكون القوة القادرة على تحقيق الهدف المشترك وهي الكرامة والحرية وبذلك فان إدراك الشعوب يؤمن لها السلم المتين...., أما في ما يخص التساؤل عن الالتزام والإخلاص وروح المبادرة وترسيخها لدى الإطارات كمرتكز من بين المرتكزات والشروط لتحويل النظرية والفلسفة والبرامج إلى واقع اجتماعي و سياسي ملموس ثقافتا ومنهجا منسجم مضبوط وديناميكي فهناك صراع مرير لا يتوقف بين القوي الواعي بالمشروع والحامل لرسالة وكل المناوئين لها سواء في أوساط الشعب من جهة أخرى مع كل القوى الخارجية المناوئة لهذا المشروع وعلى رأسها النظام ألمخزني المغربي المحتل ومؤيديه وهذا الصراع تحكمه قدرة الأطراف على التأثير والقدرة على التحليل وإقناع المجتمع كما يحددها مدى الوعي والإرادة والمسؤولية ومدى التوفق في الشعار والممارسة ,أما حول توفر هذه الصفات في القيادة الحالية او سابقاتها فهذا سؤال مشروع ما دام الشعب لم يحقق استقلاله فكل هذه الصفات هي ناقصة وبحاجة إلى المزيد من القدرات والحيوية وتحدي الذات والجهد والمثابرة ,ولا مناص للشعب الصحراوي من الاستنفار وإحداث القفزة النوعية المنتظرة والمطلوبة بإلحاح وهذا المطلب مطروح على كل الصحراويين كفرض عين .
_الشروق الصحراوي:كيف كان يتعامل الشهيد الولي مع قيادات وكوادر الجبهة؟
_القنصل :حسب ما أظن ان ما أدركته من تعامل الشهيد الولي مع كوادر وقيادات الجبهة يمكن تلخيصه في الآتي مع الإشارة بان تعامله مع هذا الصنف والقاعدة لم يكن لا جامدا ولا محصورا في أساليب وطرق نمطية بل كان ينطلق من ضروريات التعاطي الأمثل مابين مكونات الجسم الوطني لبناء قوة ذاتية قادرة على تحقيق المعجزات وقلب الموازين القائمة على حساب الشعب الصحراوي أما في ما يخص الكوادر كان الولي رحمه الله يحملهم المسؤوليات المعنوية والعملية للموقع التنظيمي والدور المنوط بهذه الفئة كطلائع فكرية عملية تنير الطريق ,كما كان ينصح دائما الكوادر والقيادات بان يبتعدوا عن كل ما له إساءة بمصداقية الإطار ,اجتماعيا او تنظيميا او سياسيا ,ويقول رحمة الله ان الصراع الفكري السياسي بين القادة والإطارات هو أمر يجوز شريطة ألا يكون على حساب الشعب او على حساب القضية ....., كان الولي المعلم والأب الحنون ولكن عند التقصير او الخطأ تكون الشدة والصرامة في تحميل المسؤولية كي يعترف للإطار أيا كان بخطئه وليتعهد بعدم العودة وغالبا ماتحدد له عقوبة او عمل ذات الصلة بالخطاء او التقصير , وفي حالات يمكن القول أنها استثنائية قد يلجئ إلى التأديب باليد ,أما عند الخلاف في الأفكار ,او الفعل او العمل الذي ينبغي القيام به والمبادرات التي يتخذها هو او غيره من الكوادر فكان رحمه الله لا يجامل في التحليل ولا في توضيح الرأي الغير صائب والبرهنة على عدم صوابه عند الحاجة ولا يستحي ان يظهر الحق حقا والباطل باطلا..... ,أما في عملية بناء الإطارات كان الشهيد رحمه الله عند ما يكلف إطارا بعمل يمهد أمامه لتسهيل مهمته وفي كل الحالات لا مفر لإطار او قائد من المحاسبة على دوره عامة وعلى المهام التي اؤكلت إليه وكل واحد متأكد سلفا ان ما أنجزه سيقف عليه القائد بالتمحيص الثاقب ,كما انه لايعذر الإطار او الذي يتطاول على مناضلا او مواطنا والأمثلة على ذالك كثيرة وليس هذا إلا غيض من فيض .
_الشروق الصحراوي:باعتبارك رفيق درب الشهيد الولي وبحكم قربك وعلمك بما يدور في اللقاءات التي جمعته بقيادات جبهات تحررية ورؤساء دول ماهي قصة لقائه بالزعيم الراحل هواري بومدين والعقيد معمر القذافي؟
_ القنصل: لم يكن لي ان حضرت أي لقاء من هذا النوع ,او سألته عنه ولا أجيد نقل ماسمعته من بعد الرفاق في هذا الموضوع.
_الشروق الصحراوي :منذ الوهلة الاولئ ومعظم الأبواب العربية موصدة في وجه القضية الوطنية كيف كانت قراءة الشهيد الولي لهذه المواقف؟
_القنصل: يجدر بنا الذكر ان الشهيد الولي عاش في مرحلة مابعد الحرب العالمية الثانية و شب و استشهد في زمان مايسمى بالحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي و الغربي من جهة ومن جهة ثانية عاصر التحرر في بلدان العالم الثالث ولامس عن قرب أشكال هذا التحرر في مختلف أوجهه في المغرب,و موريتانيا,وفي الجزائر المجاورة للصحراء و هذه هي النماذج الثلاث للتحرر في العالم العربي بالإضافة إلى النموذج السوري من جهة و العراقي و المصري من جهة ثانية.
إضافة إلى معايشة تشكل هذه البلدان في أوج سرعات التوجهات الإيديولوجيات المختلفة كان الولي الطالب الجامعي المتفوق في العلوم السياسية و التواق لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب و الباحث عن الدعم لهذا التوجه , بالتأكيد كانت له قراءة سياسية واقعية و موضوعية لكنها لم تكن مستسلمة لواقع هذه البلدان القائم ولا للأبواب الموصدة في وجه المطلب الصحراوي للتحررمن الإستعمار الفاشي الإسباني .
فكان رحمه الله يقسم هذه البلدان إلى تحررية تقدمية ومحافظة تابعة للمستعمر السابق ولحلفه,مع التفاوت بينهما وخصوصية كل منها وكانت كلها تنتمي للجامعة العربية .
أما كون أبوابها كلها موصدة في وجه القضية الصحراوية فذلك يعود حسب الولي إلى عدة أسباب ومنها على سبيل المثل لا الحصر :
>البلدان التابعة بشكل او بآخر إلى المستعمر القديم لا تنفتح للتعامل مع حركات التحرر إلا تحت الضغط او المناورة .
>البلدان التحررية هي الأخرى لا تتبنى حركات التحرر إلا بعد ان تتأكد من هويتها .
فكل هذه البلدان عاشت الدعاية المغربية من استقلاله للمطالب التوسعية للمغرب الكبير , ولا يوجد بلد عربي يجرؤ على فتح أبوابه لحركة ولو تحررية ضد الاستعمار إلا عندما يكون لديه من الحجج مايواجه به حجج المغرب البلد العضو المدعي على ان هذه أرضه و ان الحركة المذكورة ليست إلا حركة انفصالية شيوعية معارضة للنظام المغربي تريد الإطاحة به ,ضف إلى ذلك بعض الأحكام المسبقة عند الوحدويين العرب كمعاداتهم "الدويلات المجهرية" وعند التحرريين كالبلدان المحافظة ذات النزعة التوسعية و"الدويلات المصطنعة" التي كانت تطلق على الإمارات ,وهذا ما جعل الولي يركز في أولوية الأولويات على الفعل في الميدان اعتمادا على النفس والوسائل الخاصة لشعب حتى تتحقق قدرته على فرض أجوده وانتزاع حقه بقوته الذاتية وحقيقة تمثيل الجبهة لإرادته بلا منازع وعندها نكون قد تمكنا من المفاتيح التي من شأنها فتح الأبواب الموصدة في وجه القضية الوطنية وهذا ما تحقق فعلا1975 ,وعندها بدا الشهيد الولي يبن طبيعة التحالفات بين الأنظمة الرجعية والعميلة للأجنبي وينادي بضرورة تحالف الأنظمة التحررية في وجهها ويتنبأ بالثورات الشعبية ويظهر هذا التنبؤ بشكل واضح في خطاب الوداع الشهير يوم 20 مايو 1976 (لن تستقل الصحراء وتبقى موريتانيا مستعمرة ,لن تستقل الصحراء وتبقى تونس مستعمرة........) .
_الشروق الصحراوي :هل كان الشهيد الولي يؤمن بجدوى قيام القومية العربية؟
_القنصل : ما يمكن ان اجزم به هو ان الولي كان يؤمن بالوحدة العربية هذا ان كنت افهم أفكار الرجل وقد كتب الولي مقال في هذا الموضوع ردا على الطرح المغربي للوحدة العربية والتي كان العدو يرى ان الوحدة العربية يمكن ان تقوم بدون قيام ما يعرف بالدولة الصحراوية ومن بين الأفكار الرئيسية التي كان الولي يراها كركيزة أساسية للوحدة العربية هو أنها يجب ان تكون من إرادة الشعوب وان لا تكون وحدة حكام مفروضة على الشعوب بالدبابات كما كان طبعا الولي يدرج كفاح الشعب الصحراوي ضمن هذه الوحدة ولكي تكون فعلا وحدة الشعوب فلابد من تحرر كل البلدان من القوى الاستعمارية ويدرج ضمن ذلك ان كفاح الصحراويين هو كفاح من اجل توحيد شعوب المنطقة كما ينبغي على دول المشرق العربي أيضا ان تتحرر وتتوحد كمرحلة لوحدة دول العالم العربي.
_الشروق الصحراوي :لقد توقع العديد بما فيهم الأعداء انكسار الثورة وتقهقرها بعد فقدانها لمفجرها وقائدها فكيف استقبل الصحراويين رحيل الشهيد الولي؟
-القنصل:ان هذا التوقع قبل كل شيء أمنية العدو من جهة ومحاولة تشكيك كل من بدءوا يكتشفون قوة الإرادة وقدرة الجبهة على كسر جدار الصمت المفروض لإبادة الشعب الصحراوي والحيلة تستند إلى ان قاعدة عامة في التسيير تقول ان بعد فقدان الزعيم البطولي يبدءون رفاقه بالصراع بينهم وكل واحد منهم يتهم من يتولى القيادة انه حاد عن خط الزعيم ولم يعد أهلا للثقة أما الصحراويين فقد استقبلوا النبأ بالرفض والتكذيب وانه مجرد دعاية للأعداء وكان شعور كل واحد منا ان يصبح "الولي" بسداد رأيه وتحمله المسؤوليات وبجرأته وبصرامته مع نفسه وبتفانيه في توحيد الشعب وتنظيمه وبناء قوته وبرفقته بالمواطن العادي والاستماتة الجادة الصادقة الاسترجاع الكرامة والسيادة ومن ناحية أخرى تجدر الملاحظة ان الشهيد كان ينادى باسمين "الولي" او" اطوير" وفي أيام استشهاده تجرئ احد الشعراء وهو سياسي مخضرم وبارز برثائه فما كانا من الجمهور إلا ان اشمئز من الاسم لأنه لم يعد مناسبا لشهيد الشعب الذي أصبح الولي بكل ما فيه من كلمة و من معنى وهنا رأيت المقولة تتحقق ان الصحراوين لا "يرثون الا فقيدهم "كما قال الولي في الشهيد إبراهيم بصيري "إذا أرادت القدرة الخلود الإنسان سخرته لخدمة الجماهير ".
_الشروق الصحراوي : يعتبر سعيد الفيلالي مرجعية لفكر الشهيد الولي إلا انه يرى البعض انك أصبحت شبه مهمش عن الساحة الوطنية فهل أنت غائب أم مغيب ؟
-القنصل: اشكركم على حسن المظنة عني لكن أقول وبكل صدق ان المرجعية لفكر الشهيد الولي لا يمكن ان تنحصر في فرد وان كان هذا الفرد ملازما للشهيد طوال حياته أين ما حل وارتحل بل المرجعية لفكر الشهيد الولي هي في كل أفراد الشعب الصحراوي وكل من اتصلوا به مجتمعين ويمكن استقرائها من أدبيات الجبهة الشعبية ومن النضالات والشعارات والخطب والانجازات المحققة أما في ما يخص التهميش او الغياب او التغييب لا أظن ان هناك شيء من هذا القبيل وان اختلف رأي في الكثير من المواضيع التنظيمية والنضالية مع العديد من الإطارات.
فكل ما هناك أننا في الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب تعاهدنا ثم ألفنا العمل الجماعي داخل الهيئات قناعة منا ان غير ذالك لن يفضي بنا إلا إلى ما آلت إليه القضية الفلسطينية بين الأحزاب والحركات المتناحرة مما يخدم مآرب الاعداء" سياسة فرق تسد" ونرى ذلك في الأخطاء التي ارتكبت من طرف بعض الإطارات والقيادات سنة 1988 .
ولم نتوقف بعد في مسارعة الذات لاستدراكها وكما يقول المثل الحساني "كل نكبة اتزيد اعقل " وبما ان التنظيم السياسي هو _الكل في الكل _ كما يقول المصريون
وهو أيضا إطار تلاقح الأفكار وتقييم وتقويم الأعمال والسياسات الهادفة وبناء الرجال بدونه يبقى المناضلون والمقاتلون والاخصائيون والحكماء وغيرهم مجر موظفين معزولين بعضهم عن بعض.
_الشروق الصحراوي :هل من كلمة أخيرة نختتم بها هذا اللقاء؟
القنصل:رغم كل ماسبق فالشهيد الولي حي في كل صحراوي أين ما تواجد حتى ان كان عميلا للعدو صغيرا او كبيرا فرسالته حية لا تموت كما ان العاشر من مايو والعشرين من مايو أدلة على تجديد الرسالة وعلى قدرة الرجال والنساء على بلورتها وتعميقها ورفع رايتها عالية بالدوام وان كانت مسيرة الثورة مثل كل الثورات تعرف مدا وجزا فلا محالة عن مدها بالغالي والنفيس ولكن التساؤل المطروح هل نحن في مستوى قيادتها او على الأقل إلهامها لنكن بذلك قد تخلصنا من الاستعمار و انعتاق شعبنا ," فــــــلا نـــــامـــت أعــــين الجــــــبناء والمتمردين أمام سيادة وكرامة شعوبهم".
الشروق الصحراوي:شكرا سعادة القنصل الصحراوي على ما ألهمتنا به من أجوبة فالشهيد الولي حاضرا دائما في الذاكرة والذي ينبغي ان يكون قدوة ومثل أعلى لكل الصحراويين.
تنبيه: تحيطكم علما هيئة التحرير على انها قامت بالتصرف في هذا اللقاء مع الإبقاء على مضمونه بموافقة المعني.