وجهت الإعلامية الصحراوية الشابة، العصرية محمد الطالب، رسالة إلى رئيس الوزراء النرويجي، يانيس ستولتنبرغ، نشرتها جريدة "داغسافيسن"، عبرت فيها عن حلمها كلاجئة صحراوية بأن تلعب النرويج دورا أكبر للضغط على فرنسا والمغرب من أجل حل النزاع في الصحراء الغربية.
الرسالة جاءت كردة فعل على لقاء بالصدفة وجدت الشابة الصحراوية نفسها فيه وجها لوجه مع رئيس الوزراء النرويجي خلال لقاء أجراه مع المواطنين النرويجيين بمدينة برغن، حيث حاولت العصرية محمد الطالب محادثة السياسي النرويجي وسؤاله حول موقف بلاده من القضية الصحراوية، لكنها لم تتمكن من ذلك بسبب ضغط الجماهير عليه، لهذا قررت كتابة الرسالة وإرسالها له، ولوسائل الإعلام.
وفيما يلي ترجمة للرسالة، توصلنا بها من الكاتبة:
----------------------------
حلم لاجئة رسالة موجهة الى رئيس الوزراء النرويجي
عزيزي يانس
بينما كنت أمشي بوسط مدينة بيرغن, رأيت قاعة قد اعدت لإستقبال شخص مهم. وقد اخبروني انها أعدت لاستقبال رئيس الوزراء النرويجي الذي سيزور مدينة بيرغن اليوم. لقد تفاجئت وكررت سؤالي قائلة أهو ذات الشخص الذي نشاهده في التلفزيون؟ هل تقصدون فعلا رئيس الحكومة النرويجي؟
لقد كنت مرتبكة لانني كنت افكر كيف سأقترب منك لأسالط عن رأيك في قضية الصحراء الغربية ولأستفسر ان كانت بلادك تستطيع دعم شعبي اكثر. لقد كنت افكر انا الصحراوية الوحيدة المتواجدة بهذه المدينة، كيف أفوت فرصة وجود ورئيس الوزراء النروجي أمام عيني دون أن أسأله؟
لقد كانت اواخر السنة الماضية عندما كنت قادم لتقديم خطاب عن الانتخابات المحلية والوصول اليك كان مهمة مستحيلة. لقد كانت تمطر فقرر المنظمون إنهاء برنامجك قبل الوقت المبرمج.
وعندما كنت تستعد للرحيل سيدي الوزير كان الناس يلتقطون الصور معك وكنت تقدم بدورك ورودا حمراء. وأنا على يقين انك لا تتذكرني الآن ولكنني كنت كغيري من الناس التقطت صورة معك واعطيتني وردة. لقد كانت لحظة خاصة بالنسبة لي لقاء رئيس الوزراء النرويجي, لكن اللقاء وحده كان غير كاف, لم أجد الوقت الكافي لأسألك: لماذا قضية استعمار الصحراء الغربية ليست من أولويات الحكومة النرويجية؟
وربما لن نلتقي مرة اخرى وربما أنه من الصعب على أي من الصحراويين الحصول على فرصة للقاء او اللقاء مع أي من السياسيين النرويجين، لا أدري.
لكن اليوم هو السابع والعشرين من فبراير، وهو ذكرى اعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية, وفي هذا اليوم كل الصحراويين سواء في المناطق المحتلة او مخيمات العزة والكرامة يخلدون هذا الحدث ليذكروا العالم وانفسهم بإنجازاتهم وبوجودهم, ومن جهة اخرى هذا الاحتفال هو نداء للعالم لاعطاء مزيد من الاهتمام لقضيتنا.
بيد ان السابع والعشري نمن فبراير تعني اكثر بالنسبة لي, انه اسم المخيم الذي ولدت فيه، وهو المكان الذي عشت فيه كل حياتي. إن هذا اليوم هو رمز النصر ومن جهة اخرى هو اسم مخيم يعني لي اللجوء والحرمان وعدم اكتراث العالم بمعاناة شعبي.
اسمي العصرية محمد الطالب، 25 سنة, ولدت وعشت كل حياتي في مخيمات اللاجئين الصحراويين في الجزائر, والآن أعيش في مدينة بيرغن، كغيري من الصحراوين الذين فرض عليهم اللجوء والشتات بسبب استعمار المغرب لارضنا. قبل ان اسافر الى النرويج كنت اظن ان كل واحد في العالم على علم بقضيتنا وان كل السياسين يفعلون ما بوسعهم لحل الصراع. لكن منذ مجيئي هنا إلى النرويج أدركت أن قليلا من الناس يعلمون بحقائق هذا الصراع، بل وبدا لي أنه لايوجد اي فعل سياسي لحل هذا الصراع او على الاقل دعم هذه القضية.
سيدي الوزير اكتب لك باسم آلاف الصحراويين الذين يعشون في اللجوء والنفي في أحد الصحاري الأكثر حرارة في العالم بدون أي أمل في مستقبل واضح بسسب اطماع سياسية لنظام الإحتلال.
باسم الالاف الذين لم يستطعوا إيصال أصواتهم للسياسيين في العالم، أسألك لماذا لا يحصل هذا الاحتلال الهمجي غير الشرعي لبلادي على مزيد من الاهتمام؟ فليس من العدل ان بلادنا لازلت محتلة من طرف دولة اخرى, وليس من العدل أن يستمر اعتقل المواطنين الصحراويين بسبب آراءهم، وليس من العدل أن تعيش العائلات الصحراوية مشتتة منذ أكثر من 36 سنة. هذا ليس عدلا.
ان مساهمة النرويج في المساعدات الإنسانية لمخيمات اللاجئين, هو شيء مهم جدا وأريد أن أشكركم عليه, كما أن موقف النرويج واضح جدا، حيث لاتعترفون بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. ولكن سؤالي هو كيف يمكن أن تصبح قضية الصحراء الغربية من أولويات النرويج؟ وكيف يمكن أن تطرح النرويج هذه القضية للنقاش مع المغرب وحليفها المقرب فرنسا؟ فأنا أتمنى أن تقوم دولة مثل النرويج بانتقاد فرنسا على سبيل المثال لدعمها الكامل لاستعمار المغرب للصحراء الغربية, واتساءل مع نفسي إن كان شيء من هذا القبيل قد حصل من قبل..
سيدي الوزير اتمنى ان يتحمل المجتمع الدولي مسوؤلياته وأن يقوم بخطوة واضحة من أجل إنهاء هذا الصراع, فللأسف فإن قول الحكومات انها تدعم جهود الامم المتحدة لحل النزاع لا يعني أي شيء مادامت فرنسا والآن المغرب أيضا أعضاء في مجلس الأمن. فما الذي يمنع النرويج من انتقاد المغرب وحلفاءه الأوروبيين، وفي نفس الوقت دعم جهود الامم المتحدة في حل هذا الصراع؟
وأثناء تواجدي هنا علمت أن الحكومة النرويجية في المنفى تلقت كل الدعم من حلفائها أثناء احتلال ألمانيا النازية للنرويج. الحكومة النرويجية في المنفى تلقت المساعدة للعمل والتنسيق من داخل بريطانيا. وأنا أحلم بيوم تساعد فيه النرويج الطرف الأضعف في هذا الصراع سياسيا ودبلوماسيا, أتخيل متى ستساعد الحكومة النرويجية الصحراويين في العمل من داخل النرويج.
سيدي الوزير الاول, الصورة التي اخذتها معك كانت دائما السبب الذي شجعني لكتابة هذه الرسالة، واريد فقط أن أعلمك أنني لم أستطع يوما زيارة بلدي المحتل: الصحراء الغربية، وأتمنى أن تتمكن أنت من زيارته مستقبلا في الصحراء المستقلة وبدورنا سوف نعطيك ورودا حمراء.
بكل احترام
بقلم: العصرية محمد الطالب